أين ذهب اللبن

خوفاً من حدوث مجاعة ..
طلب الوالي من أهل القرية طلبًا غريبًا !!
في محاولة منه لمواجهة خطر القحط والجوع
وأخبرهم بأنه سيضع قِدرًا كبيرًا في وسط القرية
وأن على كل رجل وامرأة أن يضع في القِدر كوبًا من اللبن
بشرط أن يضع كل واحد الكوب لوحده من غير أن يشاهده أحد.
أسرع الناس لتلبية طلب الوالي
كل منهم تخفَّى بالليل وسكب ما في الكوب الذي يخصه.
وفي الصباح فتح الوالي القدر
فماذا شاهد ؟
لقد امتلأ القدر بالماء !!
أين ذهب اللبن ؟؟؟
ولماذا وضع كل واحد من الرعية الماء بدلاً من اللبن ؟
كل واحد من الرعية قال في نفسه :
"إن وضعي لكوب واحد من الماء لن يؤثر على كمية اللبن الكبيرة التي سيضعها أهل القرية"
وكل منهم اعتمد على غيره
وكل منهم فكر بالطريقة نفسها التي فكر بها أخوه و ظن أنه هو الوحيد الذي سكب ماءً بدلاً من اللبن
والنتيجة التي حدثت أن الجوع عم هذه القرية ومات الكثيرون منهم
ولم يجدوا مايعينهم وقت الأزمات
هل تصدق أن هناك من يملأ الأكواب بالماء ..
حين تكون الحاجة ماسَّة لملئها باللبن ؟
عندما لا تتقن عملك .. وتظن أن عملك هذا غير مؤثر ،
ولن يظهر وسط الأعمال الكثيرة التي سيقوم بها غيرك من الناس
فأنت تملأ الأكواب بالماء !!
وعندما لا تعطي فقراء المسلمين من مالك .. بحجة أن عملك هذا غير مؤثر ولن يظهر وسط الأعمال الكثيرة التي سيقوم بها غيرك فأنت تملأ الأكواب بالماء !!
عندما لا تدعو للمسلمين بالنصرة والرحمة و المغفرة بحجة أن عملك هذا غير مؤثر
فأنت تملأ الأكواب بالماء .. !!
وعندما تترك صلاة قيام الليل وذكر الله والاستغفار لرفع البلاء عن الأمة ، بحجة أن عملك هذا غير مؤثر
فأنت تملأ الأكواب بالماء !!!
عندما تضيع وقتك ولا تستفيد منه في العلم والعمل النافع لدنياك وآخرتك بحجة أن عملك هذا غير مؤثر
فأنت تملأ الأكواب بالماء !!
عندما تعصي الله عز وجل بحجة أن عملك هذا غير مؤثر في نزول البلاء مقارنة بما يفعله غيرك من المعاصي الأشد

فأنت تملأ الأكواب بالماء !!!
عندما ... وعندما .... وعندما ..
أخي الفاضل ، أختي الفاضلة :
مهما كان عمرك ، ومهما كان موقعك ، ومهما كانت إمكانياتك ..
فاعلم أنك إنسانٌ مؤثِّر .. سواء أردت هذا أم لم تُرِد
إنك تؤثر في كل من حولك (العمل – البيئة – الاشخاص .. )
فلا تستهن بنفسك وبأفعالك
فأنت تؤثر - سلبياً أو إيجابياً - في كل من حولك
فاختر لنفسك منهجاً .. واحجز لنفسك مقعداً ..
واعلم ان رسولك صلى الله عليه وسلم قد نهى عن السلبية ..
فقال (لا تكونوا إمَّعَة تقولون إنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنَّا وإنْ ظَلَموا ظَلمْنَا ولكنْ وَطِّنوا أنْفُسَكُم إنْ أحْسَنَ النَّاسُ أنْ تُحْسِنُوا وإنْ أسَاؤوا فَلا تَظْلِمُوا)
لا تستصغر أيَّ عمل تقوم به .. صالحاً أو فاسداً
فإنما الجبال تكونت من تراكم الحصى.
قال صلى الله عليه وآله وسلم: (( لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلق أخاك بوجه طلق )).
وقال صلى الله عليه وآله وسلم:
(إيَّاكم ومُحَقِّرات الذنوب فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه)
هذه دعوة وذكرى .. لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ..
اتقوا الله - عز وجل- في أوقاتكم وأموالكم وصحتكم .. لا تضيعوها
املؤوا الأكواب لبنًا .. خالصاً .. سائغاً